التعامل مع الطفل العنيد وأهم أسباب هذه المشكلة والحلول الأنسب لها
التعامل مع الطفل العنيد من الأمور المهمة الّتي تُقلق الوالدين وتزعزع تماسك الأسرة، هذه المشكلة توّلد جواً مشحوناً يؤثر سلباً على الحالة النّفسيّة والإنتاجيّة للأسرة.
ويبقى السّؤال الأهم ماهي الحلول لها؟ وكيف سنحوّل هذه الكارثة اليوميّة إلى حياة سعيدة ومستقرة؟.
التعامل مع الطفل العنيد في سن مبكرة:
لعل أكثر مايغفل الأهل عن مراقبته في أولادهم، هو العناد.
تظهر هذه الطباع لديهم في سن مبكرة، حيث يميل الطفل إلى العنف والعدوانية واستخدام الصوت العالي في الحديث أو اللعب وغيرهما.
غالباً ما تظهر هذه المشكلة عند الطفل الأول، إذ يكون الوالدان حديثي العهد في أمور الطفل وتربيته، لذلك تعتريهما الرّغبة في تقييد سلوكيات الطفل وتسييرها بحسب رغباتهما لا رغباته، مما يخلق سلوك عنيف عند الطفل مترافق برفض شديد لهذه السّيطرة.
وهكذا يفقدون السيطرة عليه تماماً لعدم معرفتهما بطرق التعامل مع الطفل العنيد.
أسباب مشكلة العناد عند الطفل:
يوجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى عناد الطفل من أهمها:
-
اتخاذ القدوة، من أهم أساسيات التعامل مع الطفل العنيد:
الوالدين قدوة الطفل الأولى، فهو يقلّد تصرفاتهما ويتّبع أسلوبهما في التّعامل والنقاش مع الآخرين، لذا كلما كان أسلوبهما قاسياً أو سيئاً انعكس ذلك سلباً على الطفل وطريقته في التعامل.
-
حاجات الطفل:
للطفل حاجات مادية ومعنوية تدعم شخصيته وتساهم في رسم آفاقه بطرق سويّة، لكن اهتمام الوالدين بالجانب المادي كاللباس والطعام وما إلى ذلك وعدم إعطاء الجانب المعنوي والنفسي حقه يكسر شخصية الطفل ويشعره بالوحدة والفراغ الداخليان.
-
مشاغل الحياة:
انشغال الوالدين عن الطفل بسبب ظروف العمل وغيرها وعدم تقضية الوقت الكافي معه، يجعل الطفل ينطوي على نفسه ويخلق عنده سلوك عدواني قاسي ليغطي على مشاعر الفقد والضعف.
-
المشاكل الأسرية:
وجود المشكلات الأسرية كالنقاشات الحادة بين الوالدين أو الخلاف الدائم بينهما قد يؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة وتأثر حياة الطفل الاجتماعية والنفسية وظهور العدوانية بشكل كبير عنده.
-
مقارنة الطفل بالآخرين:
مقارنة الطفل بأخوته أو أقربائه من أسوء أساليب التعامل مع الطفل العنيد لأنه يشعره بالنقص، فتبدأ محاولاته بتقليدهم إلى أن يكتشف عدم قدرته على مواكبة من حوله.
كل ذلك يصيبه بالإحباط ويدفعه إلى العدوانية والتصرفات الطائشة، كَتبرير لكلّ تلك المشاعر السلبية.
حلول للتعامل مع الطفل العنيد:
يوجد الكثير من الحلول التي يمكن اتّباعها من قبل الوالدين للتعامل مع الطفل العنيد، نذكر أهمها:
-
المديح وتقديم الدعم:
حين يقوم الطفل بتصرف جيّد يجب أن يلقى المديح والمكافأة عليه هذا يشعره بالأمان والاتّزان الدّاخليّ.
في المقابل حين يقوم بتصرف خاطئ يجب توبيخه بطريقة مدروسة بعيداً عن استخدام العنف أو الصراخ، بل باستخدام أسلوب التحذير أولاً من ثم العقاب.
ومهما كانت إنجازاته، يجب أن يشعر بالدعم والثّقة والفخر والإيمان به وبقدراته.
كلّ ذلك يزرع القوة في قلبه والثّقة بالنّفس، فيصبح إنساناً عظيماً.وتعتبر هذه أفضل أساليب التعامل مع الطفل العنيد.
-
تشتيته عن التصرفات الخطأ:
في حال كان الطفل يسلك سلوكاً غير مرغوب فيه، يجب تشتيت انتباهه عنه باللعب أو التنزه أو قراءة القصص أو طلب مساعدته في تحضير وجبته المفضلة، أو القيام بأيّ نشاطات أُخرى يحبها.
-
بناء مشاعره:
يجب أن يشعر الطفل بين الحين والآخر أنه مسيطر في حياته وقراراته وأنه يمتلك الحرية أحياناً ولا يتم قمعه.
يجب أن يشعر بأنه شخص قوي قادر على التعبير عن احتياجاته وأفكاره وآرائه، كما يجب أن يحصل على الاحترام والحب والثقة كي يبادل أبويه بها.
-
مشاركة الطفل والتعاون معه في تأدية المهام:
تقسيم المهام الموكلة إليه كي لا يشعر بالتعب ومكافأته في كل مرة ينجز قسما من مهامه.
بدلاً من توجيه الأوامر للطفل وتركه ينفّذ المطلوب قوما بمشاركته العمل، فهو يتحسس من الأوامر ذات النبرة العالية الإجبارية ويغضب من الإحساس بالسيطرة المفروضة عليه لهذا يرفض القيام بما طلب منه.
-
الرتابة والتنظيم:
خلق روتين لطيف في حياة الطفل مما يجعله يتوقّع مجرى الأحداث دون اضطرابات أو مفاجآت، مثل تنظيم مواعيد الطعام والنوم وغيرها..،حيث يحتاج الطفل من 10 إلى 12 ساعة نوم وتؤثّر قلّة النوم على نشاطه ومزاجه اليوميّ.
-
التعامل مع الطفل العنيد بالمثل:
التعامل مع الطفل العنيد قد يكون صعباً في البداية لكن جرّبا معاملته كما تحبّا أن يعاملكما.
أي بإتباع أساليب الترغيب لا الترهيب من خلال استخدام كلمات مثل “لو سمحت، من فضلك” أو ” ما رأيك أن تساعدني في كذا…؟ “،، ومع تكرار ذلك ستلاحظون استخدامه لنفس الكلمات.
-
الابتعاد عن المقارنة:
تقبّل فكرة أن لكلّ طفل شخصيّة وطباع وقدرة ذهنيّة وجسديّة مختلفة عن الآخر، لذلك لا يجب مقارنته بغيره أو الضغط عليه ليصبح مثل هذا أو ذاك، ولا يجب استنزاف طاقته في أمور ترغبان بها بينما هي لا تعجبه.
-
وقت العائلة:
قضاء وقت عائلي لطيف أمر في غاية الأهمية، كالقيام بنشاطات معينة أو الرحل القصيرة بعيداً عن المدن والضجيج والنّاس.
هذا يساهم في تخفيف الضغط النفسي عن الأبوين وعن الطفل أيضاً.
-
كونوا مستمعين جيّدين:
الاستماع لآرائه وأفكاره، ما يحبّ وما يكره، ومحاولة جعله يتكلّم بأريحية عن أيّ شيء في داخله، وفي حال كان يتعرض للتنمر أو أيّ مشاكل اجتماعيّة ونفسيّة أُخرى عليهما اتخاذ الإجراءات المناسبة.
-
ضبط الأعصاب عند التعامل مع الطفل العنيد:
مهما كانت تصرفاته سيئة لا تدع الغضب يتملكك بل اجعل الحوار عنوانك الأساسيّ في التعامل معه.
الصوت العالي يزرع في قلب طفلك الخوف منك، وبالتالي يفقد ثقته بك وتفقد أنت مصداقيته معك.
-
الحصول على استشارة للتعامل مع الطفل العنيد:
في حال لم تفلح كلّ الطرق السّابقة من الضروري الاستعانة بأخصائي أطفال، لحل هذه المشكلة.
الأسرة لُب الحياة والأطفال نتاجها الأسمى، والتعامل مع الطفل العنيد هي واحدة من أصعب المشكلات التي تواجه الأبوين وتثقل كاهلهما. لذلك حين يكون الأطفال بصحة نفسيّة وجسديّة جيّدة، تكون الأسرة متماسكة وسعيدة، وترتقي المجتمعات وتصبح أكثر استقراراً.
أطفالنا أمانةٌ في أعناقنا ورحمةٌ من الله تعالى علينا، ماذا ننتظر إذاً؟!
لنجعل سعادتهم من أولوياتنا دوماً، ونبني أطفال اليوم لكي يصبحوا عظماء الغد.